
بات معظمنا يدرك اليوم أن الحيوانات تشعر بالألم. لكن حين يتعلّق الأمر بالكائنات المائية، يتبخّر هذا الإدراك كما يذوب الملح في الماء. كشفت دراسة رائدة نُشرت في مجلة “التقارير العلمية” عن حقيقة مروّعة غالبًا ما يتم تجاهلها: المعاناة المطوّلة التي يتعرّض لها السمك عند سحبه من الماء
قادَت الباحثة سينثيا شوك بايم من معهد “أثر الرفاه” هذا البحث الذي يُكمل ما لطالما شعر به دعاة حقوق الحيوانات: أن السمك لا يشعر بالألم فحسب، بل يمرّ بعذاب جسدي شديد ومستمر في ممارسات تجارية شائعة مثل الموت اختناقًا في الهواء

وفقًا للدراسة، يُظهر السمك (وخاصة الترويت قوس قزح) علامات ضغط بيولوجي واضحة في غضون ثوانٍ من إخراجه من الماء—انهيار في الخياشيم، تراكم لثاني أكسيد الكربون، وتحوّلات حمضية في الدم—كلها مؤشرات على الذعر والاختناق. هذه ليست مجرد “ردود فعل انعكاسية”، بل تجربة واعية للألم قد تمتد إلى اثنتين وعشرين دقيقة من العذاب الشديد، بمتوسط يبلغ أربعًا وعشرين دقيقة لكل كيلوغرام
اعتمدت الدراسة على إطار “أثر الرفاه”، وهو منهج يُقيّم ليس فقط وجود الألم، بل مدته وشدته. وبيّنت أن كل كيلوغرام من لحم السمك يخفي وراءه دقائق طويلة من المعاناة—بل أكثر من ساعة أحيانًا. ومع أكثر من تريليون سمكة تُصاد وتُقتل سنويًا، يصبح حجم الألم غير قابل للتصوّر
يقترح البعض ممارسات مثل الصدمة الكهربائية كوسائل لتقليل الأذى، لكن فعاليتها تبقى متضاربة، والأهم أنها لا تُعالج الجذر الأخلاقي للمشكلة: أن الكائنات الواعية لا يجب أن تُسلّع أو تُقتل من أجل الاستهلاك
التحدي الحقيقي لا يكمن في تحسين الأدوات، بل في تغيير الرؤية السائدة حول من هم “الأسماك”—فهم ليسوا منتجات بحرية، بل كائنات تشعر وتستحق التعاطف. وهذا يتطلب إعادة النظر في علاقتنا بهم، وفي المعايير التي تشرّع استغلالهم بصمت
هذه الدراسة ليست مجرد نقطة في سجل الأبحاث—بل مرآة أمام عاداتنا الاستهلاكية، وهمسة أخلاقية تتردّد تحت سطح الماء
القراءات الموصى بها: النحل ليس مسخَّراً لخدمة الإنسان، وعسله ملك له وليس لنا: استغلال النحل في صناعة العسل